أبرز ما نشرته مراكز الأبحاث الغربية في شهر مايو 2023
القمة العربية: أجندات متباينة ومصير متحد
أوضح تحليل نُشرعلى موقع “مودرن دبلوماسي” أن عودة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الجامعة العربية ومشاركته في قمة جدة تشكل إشارة حاسمة لانتهاء فترة “الربيع العربي” وانتقال السياسات العربية إلى مرحلة جديدة تتسم بالواقعية السياسية.
وبحسب التحليل، يُنسب الفضل الأكبر للملكة العربية السعودية في عودة الأسد إلى الجامعة العربية ، بفضل الدور النشط الذي لعبته في إقناع الدول العربية الأخرى بمواقفها وضغطها على الدول التي اعترضت أو أبدت تحفظات بشأن عودة سوريا.
وتؤكد هذه النتيجة استجابة الدول العربية لتوجهات السعودية، بالنظر إلى حجم المملكة والمصالح المشتركة بينها وبين تلك الدول. وتعكس تلك النتيجة رغبة المملكة العربية السعودية في تحقيق اعتراف دبلوماسي بإنجاز سياسي جديد وتعزيز مكانتها كمركز عربي لصنع القرار.
وفقاً للتحليل، تعد عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية خطوة استراتيجية مهمة في إطار تشكيل تحالف عربي موحد لمواجهة التوجه الإقليمي الراهن الذي يهدف إلى إيجاد بديل للنفوذ الأمريكي.
وعلى صعيد آخر، يشير التحليل إلى أن دعوة السعودية للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي لإلقاء كلمة ومهاجمته لروسيا أمام الحضور، تعد خطوة استراتيجية من الرياض تهدف إلى تخفيف الضغط الأمريكي على دورها في تمكين عودة بشار الأسد إلى القمة، وتوطيد العلاقات مع إيران، وتعزيز توجهها نحو الصين وروسيا في سياستها الخارجية. كما تسعى المملكة للتوسط في الأزمة الأوكرانية ، وبالتالي تعزيز قوتها السياسية الدولية.
وعلى الرغم من ظهور توافق وانسجام بين الدول العربية خلال القمة، إلا أن المشهد الأوسع يكشف عن وجود خلافات كبيرة بينها، إذ يشير التحليل إلى أن العديد من الدول لا تستطيع حالياً التعبير عن مواقفها أو استيائها، حيث تكتفي بالصمت.
على سبيل المثال، لم يتم دعوة الجزائر لحضور الاجتماعات التحضيرية، على الرغم من أنها كانت ترأس القمة العربية السابقة. ولم يحضر الرئيس الجزائري القمة بنفسه، وربما يكون ذلك بسبب غياب ولي العهد السعودي عن قمة الجزائر.
وألقت القمة الضوء على تباين وجهات النظر داخل دول مجلس التعاون الخليجي، بدليل حضور أمير قطر وعدم إلقائه لخطاب بلاده ومغادرته قبل خطاب بشار الأسد، إضافة لغياب الشيخ محمد بن زايد بسبب تنامي المنافسة و تضارب المصالح بين الإمارات و السعودية، حسب ما أورده التحليل.
واختتم التحليل معتبراً أن السعودية هي الفائز الأكبر في القمة العربية، إذ حققت بسبب حجمها وتأثيرها الكبيرين ما لم تستطع دول أخرى مثل الجزائر والإمارات و العراق تحقيقه.
نحو خمس سنوات مشوقة: نظرة على أجندة أردوغان المستقبلية وأولوياته الرئيسية
في انتخابات الإعادة يوم الأحد 28 مايو، صوتت غالبية الناخبين الأتراك لصالح الرئيس رجب طيب أردوغان، مما أعطاه فترة ولاية أخرى تمتد لخمس سنوات كرئيس للبلاد. ومع ذلك، يأتي هذا التصويت في ظل تغيرات جوهرية تشهدها تركيا ومنطقتها المحيطة.
استعرض موقع “أتلانتك كاونسل” آراء نخبة من خبرائه في هذا الصدد. تشمل هذه الآراء دفنة أرسلان، مستشارة سياسات الطاقة في السفارة الأمريكية، ويفيغينا جابر، مستشارة السياسة الخارجية السابقة لرئيس الوزراء الأوكراني، وريتش أوتزن، المستشار العسكري والمدني السابق في وزارة الخارجية الأمريكية.
سياسياً:
استهلت دفنة أرسلان تحليلها بتوقع دخول تركيا في فترة جديدة من “صنع القرار المركزي”، إلى جانب ذلك فإنها تتنبأ أيضاً بحلول “فترة استقرار سياسي”، بالنظر إلى فوز أردوغان بنسبة 52% من الأصوات وتحقيق الأحزاب المؤيدة له الأغلبية في البرلمان.
وأشارت يفغينيا إلى أن موقف تركيا المتضارب بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا من المتوقع أن يستمر دون تغيير. كما أضافت أن أردوغان قد يلعب دوراً هاماً في هذا السياق، من خلال المطالبة بمزيد من المفاوضات مع روسيا بشأن وقف إطلاق النار وصادرات الحبوب من أوكرانيا.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية التركية، أكد أوتزن أنها من المتوقع أن تستمرعلى وضعها الحالي الذي يتسم بالاستقلال الاستراتيجي والتوازن والتحوط في التعامل مع القوى العظمى.
اقتصادياً:
يعتقد الخبراء أن أردوغان سيُولي الأولوية القصوى للاقتصاد التركي، الذي يعاني حالياً من تباطؤ النمو وانخفاض الاحتياطيات وارتفاع معدل التضخم. ويُعزَى ذلك جزئياً إلى سياسة أسعار الفائدة المنخفضة التي تتبعها الحكومة.
وفيما يتعلق بذلك، قالت دفنة أرسلان: “إذا نجح فريق الاقتصاد التركي في العودة إلى سياسات اقتصادية أكثر تقليدية ومصداقية، فقد تتحول تركيا إلى وجهة مغرية لجذب رؤوس الأموال الأجنبية مرة أخرى”.
وتواصل أرسلان بالتأكيد على أن هذا الأمر سيستلزم “تحديد معايير اقتصادية قوية وتنفيذ إصلاحات هيكلية حاسمة لاستعادة الثقة في الاقتصاد التركي بين المستثمرين المحليين والأجانب”.
ومن المتوقع أن تحتفظ روسيا بمكانتها المهمة كشريك اقتصادي لتركيا، حيث تسعى أنقرة إلى إعادة تعزيز احتياطيات بنكها المركزي التي تأثرت بشكل كبير بالتحديات الحالية.
ويبدو هذا جلياً في رسالة أردوغان في ختام حملته الانتخابية حين ذكر أن”أهمية العلاقات بين تركيا وروسيا لا تقل عن العلاقات مع الولايات المتحدة”.
ويرى الخبراء أنه لم يكن من المفاجئ أن يهنئ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أردوغان على الانتصار قبل حتى الإعلان عن النتائج الرسمية.
وفيما يتعلق بأوكرانيا، من المتوقع أن يستمر أردوغان في تقديم “الدعم العسكري التركي وتنفيذ المشاريع الحالية في مجال الدفاع”.
أمنياً:
يعتبر ريتش أوتزن أن سوريا “تعد إرثاً شخصياً لأردوغان”، حيث يسعى الرئيس التركي لإبعاد وحدات الدفاع الشعبي التابعة لحزب العمال الكردستاني عن الحدود التركية وتسهيل عودة عدد كبير من اللاجئين إلى سوريا.
ويحذر ريتش من أنه “لا يمكن تجاهل احتمالية وقوع عملية عسكرية كبيرة جديدة ضد وحدات حماية الشعب هذا العام أو العام المقبل”، إلا إذا تمكنت تركيا من تضعيف وحدات حماية الشعب بفعالية عبر ضربات الطائرات بدون طيار والمدفعية، وتمكنت من جلب رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى طاولة المفاوضات.
ويعكس تصريح ريتش القلق الأمني التركي الذي يمتد إلى مناطق متعددة خارج سوريا، بما في ذلك ليبيا والقوقاز والبحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة، وهذا يستدعي مفاوضات ماهرة مع القوى الإقليمية.
ويختم ريتش تحليله بالقول: “في هذه المنطقة التي تقع خارج نطاق حلف الناتو، يمكن أن يبقى أردوغان الباب مفتوحاً للتفاوض والمساومة، في حين يعتمد على استخدام الضغط بين الحين والآخر لتحقيق التأثير المطلوب”.
نظام شرق أوسطي جديد في ظل انكفاء عربي
تظهر علامات واضحة لتشكل نظام جديد في منطقة الشرق الأوسط، والذي سيحل محل القومية العربية كقوة إقليمية مهيمنة بعد عقود من فشل الدول العربية في حل النزاعات الطويلة الأمد وتحقيق المصالح المشتركة.
ويركز هذا النظام الجديد على ثلاثة أقطاب رئيسية، وهي إسرائيل وإيران وتركيا، وفقاً لتحليل نُشرعلى منصة “جيوبولوتيكال فيوتشرز” للكاتب والباحث اللبناني هلال خشان.
ويُشير الباحث إلى أن التغيرات الحاصلة في علاقات الدول في المنطقة، بما في ذلك التطورات الأخيرة المتمثلة باستعادة العلاقات بين دول العالم العربي وسوريا، تدعم هذا الاستنتاج.
تبدو سوريا في صدارة الأحداث الراهنة وفقاً للتحركات العربية الأخيرة، حيث أصبحت بيدقاً ضخماً يجذب اهتمام قوى إقليمية ودولية كبرى مثل تركيا وروسيا والولايات المتحدة وإيران.
وفي رأي خشان، فإن التقارب الحاصل بين الدول العربية والنظام السوري ليس بهدف حل الصراع في سوريا، بل لضمان أن تبقى سوريا ساحة معركة خاضعة للسيطرة لتسوية القضايا الإقليمية والدولية دون أن تتأثر الأطراف الخارجية مباشرة، حيث يمكن لإسرائيل استخدامها لتهدئة غضبها بدون أن تتسبب في حرب شاملة ضد إيران، مما يهدد أمن دول الخليج.
مع ذلك، يظهر أن المصالحة الأخيرة لا تعكس الوضع الفعلي في سوريا. فعلى سبيل المثال، تستمر تركيا في الحفاظ على مواقعها في شمال سوريا تحت ذريعة تأمين مصالحها الوطنية، بينما تحتفظ قوات سوريا الديمقراطية بسيطرتها في المناطق الشرقية برعاية القوات الأمريكية.
وفي الوقت نفسه، تستمر روسيا وإيران في دعم نظام الأسد، الذي لا يظهر أن لديه الإرادة أو القدرة على تقليص النفوذ الإيراني، برغم أن الدول العربية لا تبدو مطالبة الأسد بذلك على أية حال.
ويشير الكاتب إلى أن الحكومات العربية تسعى لتحقيق تعاون مجدٍ مع إيران في سوريا بهدف حماية استثماراتها المستقبلية في إعادة إعمار البلاد والتصدي للفساد الحكومي.
أما بالنسبة لروسيا، فيمكنها الاستفادة من التقارب العربي مع سوريا لتعزيز العلاقات مع الدول العربية في وقت يشهد فيه تنامي العزلة الموجهة ضدها.
وتسعى إيران أيضاً للاستفادة اقتصادياً من تعافي سوريا، الأمر الذي أكد عليه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في زيارته الأخيرة إلى دمشق، مشيراً إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا، والتي تتسم بالسيطرة الكاملة لإيران على قطاعات العقارات والكهرباء والغذاء.
ويرى خشان ان عودة الأسد إلى الجامعة العربية لن تمنحه حرية التصرف، إذ شنت الأردن عملية عسكرية داخل الأراضي السورية لمكافحة تهريب المخدرات قبل يوم واحد من إعلان عودته، وأدرجت سلطنة عمان شخصيات مقربة من النظام السوري إلى قائمتها لمكافحة الإرهاب في نفس اليوم الذي أعلنت فيه جامعة الدول العربية أنها ستعيد عضوية سوريا.
ووفقاً للكاتب، تعمل السعودية والإمارات على وجه الخصوص على تطوير سياسة إقليمية جديدة تهدف إلى تخفيف التوترات في الشرق الأوسط. تبدأ هذه الجهود بتحسين العلاقات مع تركيا وقطر، وتعزيز الحوار مع إيران ونظام الأسد.
ويشير خشان إلى أن الشرق الأوسط يشهد تحولاً إقليمياً جديداً يتجاوز الاستقطابات السياسية، حيث يتم تجميع العديد من الثقافات والجنسيات والأديان والأيديولوجيات. هذا التحول قد يؤدي إلى ظهور صراعات انفصالية في المستقبل وتغيير النسيج الثقافي والفكري للمجتمع العربي.
وبغض النظر عن الاستقطاب السياسي الداخلي في تركيا، يتوقع أن تظهر تركيا كشريك فاعل في منطقة الخليج وبين العرب السنة في العراق وسوريا ولبنان.
ويتوقع أن يكتسب النفوذ الإيراني وزناً أكبر بسبب العلاقات الوثيقة التي تربط طهران بالشيعة في الدول العربية.
بينما تستمر إسرائيل أيضاً في الحفاظ على نفوذها كدولة إقليمية محورية، وستكون نموذجاً لإدارة العلاقات الفعالة مع الغرب.
من جانبها، ستواصل مصر التنسيق بين الدول العربية، مما يساهم في تهدئة النزاعات فور نشوبها، وهو ما يعد حتمياً في المنطقة.
الدور الأمريكي والإسرائيلي في طريق السودان إلى الحرب
قدّم موقع “The Arab News” تحليلاً يوضح الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في التصاعد الأمني الحاصل في السودان في الآونة الأخيرة بين الجهات المعنية، مسلطاً الضوء على السياسات الخارجية والأجندات الاستراتيجية لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة.
وجاء في بداية التقرير أن هناك مصالح إسرائيلية مختلفة على المحك في السودان. والأهم يتعلق بمكانة الأخيرة في اتفاقيات أبراهام . ويضيف التحليل، أن إسرائيل ملتزمة بمحاولة ضمان أن كل من يتصدر صراع السلطة المستمر في السودان سيكون متعاطفاً مع تل أبيب وطريقة الحكومة الإسرائيلية في النظر إلى العالم العربي.
والجدير بالذكر حسب ما جاء في التحليل أن غالبية المواطنين السودانيين يعارضون تطبيع العلاقات مع إسرائيل ، وهذا يعطي إسرائيل مصالح راسخة لوجود نظام عسكري استبدادي يحكم السودان.
وفي هذا السياق، قال الدكتور نادر هاشمي ، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جوزيف كوربيل في جامعة دنفر: “إن إسرائيل ملتزمة بشدة بضمان سيطرة الجيش، سواء كان حميدتي أو البرهان أو مزيجاً من الاثنين، على سياسة السودان”.
وأضاف هاشمي أنه “ليس من الصعب فهم سبب رغبة إسرائيل في منع التطور الديمقراطي في السودان والدول العربية الأخرى، إذ لا يمكن أن تقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية مع الديمقراطيات في العالم العربي لأنها ستطالب إسرائيل بتقديم تنازلات للفلسطينيين كشرط للعلاقات الدبلوماسية، الأمر الذي ترفضه تل أبيب جملة وتفصيلا.”
و يجادل بعض الخبراء بأن القيادة العسكرية السودانية ستواجه صعوبة في ترسيخ الخرطوم في معسكر اتفاقات أبراهام، إذ قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية للديمقراطية في العالم العربي الآن (DAWN): “حتى الجنرالات ليسوا واثقين من قدرتهم على إيصال ذلك إلى إسرائيل، حيث أن فصائل كبيرة من مؤيديهم تعارض بشدة صنع السلام مع إسرائيل”.
وقال الدكتور عزيز الغشيان، زميل معهد دول الخليج العربية في واشنطن، لوكالة الأنباء التونسية: “بالنظر إلى افتقار البرهان وحميدتي إلى الشرعية المحلية ، يمكن استخدام علاقتهما بإسرائيل ضدهما” .
على صعيد آخر، يتطلب تحليل العلاقات الإسرائيلية السودانية ومكانة الخرطوم في اتفاقيات أبراهام تقييم السياسة الخارجية لواشنطن.
طوال فترة رئاستي ترامب وبايدن ، لم تكن السياسات الأمريكية تجاه السودان موجهة نحو تعزيز أي انتقال ديمقراطي ناجح. وبدلاً من ذلك، فقد تم توجيههم نحو ضمان قدرة الجيش على الحفاظ على الاستقرار في الداخل وإعادة الخرطوم إلى معسكر التطبيع.
وأوضح الدكتور الغشيان أن “الاضطراب السياسي للمجلس العسكري في السودان، وعلى وجه الخصوص، يأسه من البقاء في السلطة، كان فرصة للولايات المتحدة لاستخدام نفوذها من أجل انضمام السودان إلى اتفاقات أبراهام”.
وتضيف سارة ليا ويتسن أن “الأمر الأكثر إثارة للقلق هو مدى مساعدة حكومة الولايات المتحدة وتحريضها على السيطرة العسكرية في السودان ورشوة السودان حرفياً بشطبها من قائمة الإرهاب الأمريكية لغرض وحيد وحصري هو تأمين التوقيع الأولي على اتفاقيات أبراهام في عام 2020” .
أما فيما يتعلق بمصالح الولايات المتحدة في السودان في هذه الفترة الحالية، “كان الهدف إقليمياً بدرجة أكبر ودعم العلاقة بين إسرائيل والأنظمة الاستبدادية العربية”، وفقاً للدكتور هاشمي.
ويضيف هاشمي “كانت تلك نقطة الدخول السائدة، نقطة مهمة تم فقدها في النقاش حول السودان مؤخراً، و التي تضاف إلى فشل السياسة الوطنية التي ساهمت في الأزمة التي تكشف أمامنا.”
قطر تسابق الزمن لبيع غازها المُسال
نشرت شبكة “بلومبرج” الأمريكية تقريراً يفيد بأن قطر في حالة من السباق مع الزمن من أجل بيع كميات هائلة من الغاز المسال المتراكم في مخزوناتها في سوق يتنبأ له التعرض لفرط في العرض خلال سنوات قليلة ما سيؤدي لانخفاض سعر الغاز.
وأعلنت قطر عن زيادة كبيرة في الإنتاج بنسبة 60% حتى عام 2027، في خطوة كلاسيكية للاستيلاء على حصة السوق و التغلب على المنافسين في أمريكا و أستراليا. ولكن منذ ذلك الحين، لم يتسنى لقطر إيجاد سوى عدد قليل من المشترين للإمدادات الجديدة.
وحسب رأي الكاتب “أن المشكلة تكمن في التوقيت”، إذ أن العالم يحتاج حالياً للغاز القطري المسال و لكن هذه الحاجة من الممكن أن تتراجع بداية من نهاية العقد الجاري عندما تبدأ مشروعات الغاز المسال في الولايات المتحدة بالانتعاش والعودة للانتاج بالطاقة القصوى.
ويأتي هذا الاستنتاج بناءً على ما أوردته شركة “وود ماكينزي” الأمريكية لاستشارات الطاقة في دراسة عن الغاز المسال بأن الولايات المتحدة تتجه لتجاوز قطر و أستراليا كأكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، بعد استئناف مشروع فريبورت للغاز الطبيعي المسال عملياته في الربيع المقبل.
بالتالي، لن يكون المشترين في عجلة من أمرهم لتوقيع اتفاقيات طويلة الأمد مع قطر تحديداً في الوقت الذي يسعون فيه للتفاوض على معدلات أقل و التزمات أكثر مرونة، تحديداً مع إصرار الدوحة على شروط تعاقدية صارمة، كطلب إبرام عقود مع المشترين لمدة 20 عاماً، في بعض الأحيان، ما أدى إلى توقف المحادثات مع مشترين، مثل ألمانيا واليابان، وهي دول سيزداد الطلب على الغاز بها مستقبلا.
وأشار الكاتب إلى أن السوق سيكون في حالة تأهب للتعليقات حول هذه الشروط والآفاق طويلة الأجل من المسؤولين في الدوحة وشركات الطاقة في منتدى قطر الاقتصادي الذي بدأ يوم 23 مايو 2023.
و يجدر بالذكر أن قطر قد وافقت على عقود لشراء حوالي 6 ملايين طن سنوياً من الإمدادات، من خلال توسعات حقل الشمال الشرقي والحقل الشمالي الجنوبي. و لكن يجب التأكيد أن هذه الصفقات تمثل جزءاً صغيراً من الإنتاج الإجمالي المتوقع البالغ 49 مليون طن، والذي سيبدأ الإنتاج التدريجي منه في الفترة من حوالي عام 2026 إلى 2027.
وأشار وزير الطاقة القطري، سعد الكعبي، إلى أن هناك عقوداً ضخمة ستتم توقيعها من قبل الدوحة بنهاية هذا العام.
وبناءً على التقرير، يعني ذلك أن قطر على وشك الشروع في إبرام واحدة من أكبر جهود صفقات الغاز الطبيعي المسال في تاريخ الصناعة. ومن المتوقع أن تعرض قطر أسعاراً تنافسية وشروطاً أكثر مرونة.
ومن المتوقع أن يحدث سيناريو واحد من اثنين: أما أن يصطف المستهلكون للظفر بتلك العروض، أو سيكون لدى قطر الكثير من الغاز الطبيعي المسال عندما تبدأ مشروعات الغاز الأمريكي في إغراق السوق في النصف الثاني من العقد الجاري، ما سيؤدي لخفض كبير بالأسعار.