ملخصات مراكز التفكير

أبرز ما نشرته مراكز الأبحاث الغربية في شهر ابريل 2023

  • هل ستحدث المصالحة في الشرق الأوسط تغييراً دائماً؟

انخرطت دول الشرق الأوسط في نمط غير مسبوق من المصالحة لحماية مصالحها وسط تقلبات في النظام الدولي. ولكن “بدون دعم دولي يعتمد عليه، يمكن لهذه الروابط الجديدة أن تنهار بسهولة.”

 جاءت هذه الخلاصة في تحليل نشره معهد (Chatham House) البريطاني من قبل سنام واكيل مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و ونيل كويليام الباحث في البرنامج نفسه.

وفي هذا السياق، وقَّعت السعودية وإيران، بوساطة صينية، اتفاقاً في مارس الماضي لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد قطيعة استمرت 7 سنوات بين البلدين. كما تقوم السعودية حالياً بمصالحات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد وتجري معاملاتها مع إسرائيل خلف الكواليس.

علاوة على ذلك، قادت الإمارات مبادرة للتعامل مع إيران وتركيا وسوريا وتبعتها الرياض عن كثب، واتخذت أبوظبي خطوة جريئة بتوقيع اتفاقيات إبراهام مع إسرائيل في سبتمبر 2020. وقادت السعودية في عام 2021 اتفاقية العلا، والتي أسفرت عن إعادة ضبط العلاقات الخليجية بشكل كبير بعد حصار قطر الذي بدأ عام 2017. كما تمت مؤخراً استعادة العلاقات بين قطر والبحرين.

وفي مارس 2022، تم تسوية المشاكل بين تركيا والإمارات، مما أدى إلى تحسن العلاقات بين أنقرة والرياض.

أولويات الولايات المتحدة الجديدة بشأن الأمن الإقليمي

من المؤكد أن المحرك الرئيسي لهذا النهج الجديد مرتبط بالتصورات الإقليمية للدعم الأمني ​​الأمريكي غير المتسق. ولا يعد هذا الشعور بالجديد ولكنه يتصاعد منذ أن أوضحت إدارة أوباما أولويات أمريكية جديدة موجهة نحو الصين وروسيا.

و بيّن الكاتبان مواصلة إدارتي ترامب وبايدن هذه السياسة وأظهرت دلائل مماثلة على الإلهاء عندما انسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان بينما دعت شركائها في الشرق الأوسط إلى تقاسم عبء الأمن الإقليمي. 

كما أكد تدفق الدعم الغربي لأوكرانيا و بذل القليل من الجهود لوقف التهديدات من إيران التصور في جميع أنحاء الشرق الأوسط بأن الدعم الأمريكي آخذ في التراجع، على الرغم من التأكيدات المستمرة من قبل صانعي السياسة الأمريكيين.

إضافة لإدراك دول المنطقة، ولاسيما السعودية والإمارات، أن المواجهة مع إيران لم تفشل في تحقيق النتائج المرجوة فحسب، بل عرّضتها أيضا إلى ضعف اقتصادي”.

حماية المصالح الوطنية هي الأولوية

بحسب ما أورد الكاتبان، “لا ينبغي النظر إلى نطاق وتنوع التحالفات الجديدة على أنه أكثر من مجرد نمط من التحوط لإدارة المناورات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.”

“ولا يمكن لهذه التحولات أن تحل انعدام الثقة الراسخ أو نفض الغبار عن التوترات التي تراكمت خلال العقد الماضي من المنافسة الإقليمية.”

و اختتم التحليل  بأنه “يجب أن يُنظر إلى هذه التحالفات على أنها عمليات إعادة ضبط متعمدة تهدف إلى إدارة الصراع وتقليل الضعف الاقتصادي، وفقط مع الوقت والاستثمار السياسي المستمر يمكن أن يتحول خفض التصعيد هذا إلى تغيير ذي مغزى وإعادة ضبط إقليمية حقيقية، ولكن بدون دعم دولي يعتمد عليه، يمكن لتلك الروابط الجديدة أن تنهار بسهولة.”

لا تهدروا الأموال العربية الثمينة سدى في سوريا

“لدى دول الخليج أسبابها الخاصة للتواصل مع الأسد، لكن عليها أن تفهم أن واشنطن لن تستثنيها من معظم العقوبات متعددة الأطراف المفروضة على سوريا دون حدوث تغيير جوهري في سياسة النظام.”

في مقال نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، سلط  الباحث في السياسة العربية، روجيه تايلر، الضوء على عمليات التطبيع العربية المستمرة مع النظام الحاكم في سوريا وموقف الولايات المتحدة تجاهها. 

وأبرز المقال موقف الإمارات العربية المتحدة المبادر للتطبيع مع نظام الأسد سعياً لتقويض منافستها قطر وكذلك حليفتها في سوريا، أي تركيا، التي تسيطر على مساحة كبيرة في شمال غرب سوريا. 

ومع انحسار توترات الإمارات مع قطر وتركيا، تُركز أبو ظبي حالياً على الحد من النفوذ الإيراني – الميليشيات والأسلحة – في سوريا. وتدرك الإمارات أن الأسد بحاجة ماسة إلى المال، الذي لا يمكن أن تقدمه له سوى دولة عربية في الخليج، لإعادة بناء سوريا.

وكما يقضي المنطق، يمكن استخدام القليل من الاعتراف وبعض أموال البترودولار لإعادة الإعمار كجزرة لتغيير منطق الأسد على طاولة المفاوضات مع المعارضة، وربما الأهم من ذلك، تقليص اعتماده على إيران لصالح الدول العربية – التي أصبحت بعضها متوافقة مع إسرائيل كجزء من “اتفاقيات إبراهام”.

العقوبات الأمريكية

بطبيعة الحال، إن ما يكبح كلا المجهودين هو العقوبات الأمريكية والأوروبية والعربية على سوريا. 

ويتضح من شلال الزيارات التي قام بها مسؤولون عرب ومسؤولون آخرون في المنطقة إلى دمشق، أنهم يرون فرصة للتعبير عن سياسة الجزرة تجاه الأسد بسبب إصدار وزارة الخزانة الأمريكية “ترخيصاً عاماً” لمدة 180 يوماً أو إعفاءً مؤقتاً من العقوبات في 9 فبراير بعنوان “السماح بالمعاملات المتعلقة بجهود الإغاثة من الزلزال في سوريا.”

لكن هذا لا يعني أن سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا قد تغيرت، أو أن العقوبات على وشك أن تُرفع من أجل إعادة الإعمار. ليست هناك فرصة لحدوث ذلك.

وينتهي “الترخيص العام” في أغسطس المقبل. وفي حين أن “أحكام انقضاء” مفعول “قانون قيصر” ستنتنهي في عام 2024، إلّا أنه من شبه المؤكد سيتم تمديد مفعول القانون كما يتضح من التصويت (بأغلبية 414 مقابل 2 فقط) في الكونغرس الأمريكي في 27 فبراير، الذي يدين “جهود نظام الأسد لاستغلال الكارثة بشكل ساخر من أجل التهرب من الضغط والمساءلة الدولية”.

وحتى لو انتهى مفعول “قانون قيصر”، إلّا أن أطراف متعددة من العقوبات على صادرات النفط السوري وتصنيفاته ستبقى سارية المفعول – بغض النظر عن الحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض. وهناك عقوبات جديدة أخرى في الطريق، حيث يقضي “قانون تفويض الدفاع القومي” الأمريكي لعام 2023 بأن تضع إدارة بايدن استراتيجية مشتركة بين الوكالات لتعطيل وتفكيك إنتاج الأسد للمخدرات والإتجار بها.

البحث عن تغيير سلوكي

ويرى روجيه تايلر أن الطريقة الوحيدة لتخفيف العقوبات الأمريكية على سوريا- ناهيك عن رفعها- هي أن يغيّر الأسد سلوكه بشكل جذري. وتتفهم واشنطن أن دول الخليج تريد من الأسد أن يوقف تدفق الكبتاغون من سوريا جنوباً إلى الأردن والخليج، والذي يقول المسؤولون إنه “يدمن جيلاً”.

لكن واشنطن كانت واضحة في أن على الأسد أن يهيئ الظروف لعودة السوريين إلى ديارهم دون خوف من التجنيد أو الاحتجاز أو الاختفاء. وعلى الأسد أن يمضي قدماً في عملية “قرار مجلس الأمن رقم 2254″، والذي يشمل، على سبيل المثال لا الحصر، التحرك في موضوع “اللجنة الدستورية”.

وإذا لم يُحرز تقدم، فإن الدول العربية، التي تطبّع علاقاتها مع الأسد، وتنخرط في إعادة الإعمار، ستتعرض بشكل شبه مؤكد للتصنيفات والانتهاكات الأخرى للعقوبات من قبل وزارة الخزانة الأمريكية.

 وما لم تحدث تغييرات كبيرة في الطريقة التي يحكم بها الأسد سوريا ويدير شؤونها، من بينها تساهله مع الميليشيات والأصول الإيرانية الموجودة على الأراضي السورية فضلاً مع منشآت إنتاج الكبتاغون، فستكون هذه محاولة أخرى لرمي المال العربي الجيد بعد السيئ، لتعويض الخسائر المستمرة لهذه الدول مقابل نفوذ إيران في بلاد الشام.

  • الصراع على السلطة في السودان أمر مهم يتعدى حدودها

لا يزال العنف في السودان مستمراً ومن المحتمل ألا ينحسر. منذ 13 أبريل، تحولت البلاد إلى ساحة معركة للفصائل المسلحة المتناحرة. ويخوض الجيش السوداني بقيادة اللواء عبد الفتاح البرهان من جهة وقوات الدعم السريع- المجموعة شبه العسكرية القوية برئاسة اللواء محمد حمدان دقلو (“حميدتي”)- من جهة أخرى صراع مفتوح عبر البلد. 

داخلياً، يمكن للأزمة أن تعرض لخطر الانتقال من الحكم العسكري إلى الديمقراطية التي يقودها المدنيون. ومع ذلك، فإنه من المحتمل أيضًا أن يؤدي إلى زيادة تقويض الاستقرار الإقليمي وتقويض مصالح البلدان المجاورة.

وبالنظر إلى دعمها الاقتصادي الكبير لحكومة برهان حميدتي المؤقتة، تضغط دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الآن على كلا الجانبين لتبني حل دبلوماسي يمكن أن يحمي مصالحهما الاستراتيجية طويلة الأجل في الدولة الأفريقية. 

أما بالنسبة لمصر وتركيا، فإن حرباً أهلية كاملة في السودان ستمثل تهديداً كبيراً لوجودهما في البحر الأحمر والقرن الأفريقي- خاصة بالنسبة للجبهة التي تقودها القاهرة ضد سد النهضة العظيم في إثيوبيا. 

أخيراً، روسيا، التي لها صلات بالفصيلين، أصبحت لاعباً مؤثراً بشكل متزايد في السودان، كما يتضح من محاولات موسكو (التي تقودها عادة مجموعة فاجنر شبه العسكرية ) للوصول إلى موانئ البحر الأحمر والموارد المعدنية في السودان.

  • أصوات مجتمع الـ 5% قد تحسم الانتخابات التركية

سلط موقع “ميدل إيست آي” الضوء على بدء مئات الآلاف من المواطنين الأتراك المقيمين خارج البلاد في إبداء أصواتهم في الانتخابات المحلية، وذلك في البلدان التي يعيشون بها وفي المراكز الحدودية في تركيا، قبل 17 يومًا من موعد الانتخابات.

وأشار التقرير إلى أن عدد الناخبين التركيين المسجلين خارج البلاد يبلغ 3.4 ملايين ناخب، وهم يمثلون أكثر من 5% من إجمالي عدد الناخبين.

ورغم أن نسبة الإقبال على التصويت في الخارج تتراوح عادة حول 50% فقط مقارنة بحوالي 85% في تركيا، فإن أصواتهم مهمة جدا وقد تكون حاسمة في نتيجة المنافسة، خاصة مع تقارب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومنافسه الرئيسي كمال كليتشدار أوغلو في الاستطلاعات الأخيرة.

وفي سياق متصل، أشار أولاس تول، مدير الأبحاث في مركز دراسات التأثير الاجتماعي “تيم”، إلى أن الأصوات الخارجية قد تلعب دوراً حاسماً في انتصار أردوغان، حيث يحظى الرئيس التركي بدعم قوي من المهاجرين الأتراك في أوروبا، والذين هم غالباً من المحافظين، ويمثلون أكثر من نصف الناخبين الأتراك المسجلين في الخارج.

وبحسب تقديرات تول، فإن تأثير الأصوات الخارجية على نتائج الانتخابات الرئاسية في تركيا يمكن أن يصل إلى 0.5%، فيما إذا ظل معدل الإقبال على حاله وتلقى أردوغان نفس المستوى من الدعم الذي حصل عليه في عام 2018 – حوالي 60% – فسيكون التأثير من 0.4 إلى 0.5%.”

وتتباين الآراء في هذا الشأن، إذ يرى مصطفى ينير أوغلو، وهو مواطن تركي ألماني، ومرشح برلماني في إسطنبول عن حزب الشعب الجمهوري بزعامة كمال كليتشدار أوغلو، أن العديد من مؤيدي أردوغان السابقين في الخارج سيغيرون رأيهم بشأنه بسبب الصعوبات الاقتصادية في البلاد، والتي تردهم أخبارها من خلال أقاربهم الذين يعيشون في تركيا.”

 بينما يعتبر أوغوز أوكونكو، وهو تركي ألماني آخر ومرشح للبرلمان عن حزب “العدالة والتنمية” في إسطنبول، أن وعود كليتشدار أوغلو ليست جديدة، مؤكداً أن الأحزاب الأخرى لديها نفس التعهدات الانتخابية. 

ويستبعد أوكونكو أن تحقق المعارضة المزيد من الأصوات من خارج تركيا. وبناءً على هذا الاعتقاد، يميل معظم الناخبين إلى التصويت لصالح أردوغان من أجل الحفاظ على الإنجازات التي حققها حزب العدالة والتنمية خلال عقدين من الحكم.

 وأوضح أوكونكو بأن زيادة الأصوات التي سيحصل عليها حزبهم يعود لاعتقاد الناخبين بصدق أن أردوغان هو الخيار الأفضل، وليس لخوفهم، حيث يرون أن العودة إلى الحكومات الائتلافية بتحالف المعارضة سيكون اختياراً غير مرغوب فيه.

  • إسرائيل قد لا تحصل على النفط في أعقاب الاتفاق بين بغداد والأكراد

بعد سنوات من تجارة النفط الهادئة والمربحة إلى حد ما بين الأكراد وإسرائيل، زاد التهديد حالياً لهذه التجارة بسبب الخلافات القانونية الفوضوية التي تشمل بغداد وتركيا، جاء هذا في تحليل موجز نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.

على مدى العقد الماضي، كان العراق أحد المصادر الرئيسية لإسرائيل لاستيراد النفط الخام. ومع أن حكومة بغداد لا تعترف دبلوماسياً بإسرائيل بالإضافة إلى سنوات من التوتر مع أنقرة، كانت إسرائيل من كبار مشتري إمدادات النفط التي يضخّها “إقليم كردستان العراق” عبر جنوب تركيا إلى ميناء جيهان على البحر المتوسط. وفي المقابل، ساعد إنتاج وبيع هذا النفط “إقليم كردستان” في الحفاظ على استقلالية جزئية عن الحكومة الاتحادية العراقية.

غير أن الخلافات في مجال الطاقة المستمرة منذ فترة طويلة بين بغداد و”حكومة إقليم كردستان” بلغت أوجها في الشهر الماضي عندما حكمت محكمة دولية لصالح العراق في خلافها مع تركيا. وتركزت القضية موضع البحث على ادعاء بغداد – الذي تم الآن التحقق من صحته – بأن أنقرة انتهكت اتفاقية ثنائية من خلال سماحها بمرور النفط من “إقليم كردستان” إلى جيهان.

لقد نجحت تجارة النفط الإسرائيلية مع “حكومة إقليم كردستان” إلى حد كبير بسبب الأسعار المواتية. فقد باع الأكراد نفطهم بسعر أدنى من الأسعار السائدة للنفط العراقي، مما مكن التجار المعنيين من الحفاظ على هوامش ربح كبيرة. وبينما كانت هذه الإمدادات تلبي في الماضي جزءاً كبيراً من احتياجات إسرائيل من الطاقة المحلية، إلّا أن هذا الوضع تغير عندما بدأت البلاد في تطوير احتياطياتها البحرية من الغاز الطبيعي، الذي تستخدمه لتوليد الكهرباء وتصديره إلى مصر والأردن على حد سواء.

ونتيجةً لذلك، أعادت إسرائيل تصدير بعض خام “حكومة إقليم كردستان” إلى الخارج. وبعد شحن هذه الإمدادات من ميناء جيهان، تتم معالجة بعضها في مصافي التكرير في حيفا وأشدود، بينما يتم تفريغ البعض الآخر جنوب عسقلان على البحر الأبيض المتوسط وضخها عبر خط أنابيب يمتد عبر البلاد إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر. ومن هناك، يتم شحنها إلى العملاء في آسيا، من بينهم أولئك الذي لديهم مصافي في الصين وتايوان. (يعود تاريخ خط الأنابيب هذا إلى ما قبل الثورة الإيرانية عام 1979، عندما زوّد الشاه إسرائيل بالنفط؛ ومنذ ذلك الحين تم عكس اتجاه تدفق النفط فيه ويتم الآن تشغيله من قبل “شركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية”، أو EAPC).

وعلى الرغم من أن القيود الإسرائيلية على التقارير تمنع الكشف عن حصيلة نهائية لهذه المعاملات وعمليات خطوط الأنابيب، إلا أن نشرة “أم إي إي أس” (MEES) الإخبارية للطاقة قدّرت في كانون الثاني/يناير أن الواردات الإسرائيلية من النفط الخام الكردي وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 194 ألف برميل في اليوم، بناءً على معلومات من شركة استخبارات البيانات “كبلر”. وفي الشهر نفسه، أفادت التقارير أن إجمالي صادرات النفط الخام من إيلات بلغت 195 ألف برميل في اليوم. غير أن هذه الأرقام المرتفعة قد تكون حالة استثنائية، إذ تشير تقارير أخرى إلى أن المتوسط لعام 2022 بلغ 70 ألف برميل في اليوم. ومع ذلك، فحتى الرقم الأدنى يمثل حوالي 16 في المائة من إجمالي الصادرات الكردية.

ويمكن لقرار التحكيم أن يضعف هذه التجارة بطرق متعددة. والحصيلة الفورية هي أن الإمدادات النفطية من “إقليم كردستان” إلى تركيا لم تُستأنف بعد. وفي 11 نيسان/أبريل، قدمت بغداد عريضة إلى المحكمة الفيدرالية الأمريكية في واشنطن طلبت فيها تنفيذ قرار التحكيم ضد تركيا، الذي بلغت قيمته 1.5 مليار دولار مع الفوائد. ومع ذلك، يُقال إن أنقرة تعتبر هذا الالتزام المالي يقع على عاتق “إقليم كردستان”.

فضلاً عن ذلك، توصّل الأكراد إلى اتفاق مبدئي يسمح لشركة تسويق النفط العراقية (“سومو”) بتسويق نفطهم. وفي 7 نيسان/أبريل، وصفت “أم إي إي أس” إسرائيل بأنها “خاسر مؤكد” إذا تمكنت “سومو” من ضمان سيطرة طويلة الأجل على صادرات النفط العراقية، بما أن بغداد تعتبر التجارة مع إسرائيل غير قانونية – وهو موقف راسخ يعززه قانون جديد لمكافحة التطبيع تم تمريره قبل عام.

ونظراً إلى توفر إمدادات بديلة من النفط الخام في متناول إسرائيل، فلن تواجه البلاد أزمة طاقة بسبب هذا الحكم – إذ تُفيد بعض التقارير أنها تستورد النفط من أذربيجان وروسيا – بالإضافة لـ “إقليم كردستان العراق” – لتلبية الطلب المحلي الحالي البالغ حوالي 210,000 برميل في اليوم. ومع ذلك، قد تضع الفجوة والتغيرات التسويقية المحتملة حداً للعلاقة التجارية التي كانت ركيزة علاقة هادئة بل مهمة بين أكراد العراق وإسرائيل.

  • مصر تبحث عن حلول لبيع أصولها في ظل عدم اهتمام السعودية وتراجع الإمارات وتردد قطر

كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عن تعثر مصر في خططها لبيع أصول الدولة لمانحين خليجيين، حيث تعرقل نهج حلفاء القاهرة التقليديين في الخليج تجاه دعم البلاد.

ويأتي هذا بالرغم من موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسي على تقليص بصمة الدولة في الاقتصاد، بما في ذلك الجيش، للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي في أكتوبرالماضي.

وينظر إلى بيع الأصول على أنها ضرورية لتخفيف النقص الحاد في العملة الأجنبية، وسد فجوة التمويل التي تقدر بـ17 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة والتي من المتوقع أن يتولى صندوق النقد الدولي تأمينها.

وعلى الرغم من تحديد مصر لـ 32 شركة من شركات القطاع العام لفتحها أمام مساهمة القطاع الخاص، إلا أنها لم تحقق أي مبيعات كبيرة منذ توقيع صفقة صندوق النقد الدولي.

مواقف دول الخليج

يؤكد التقرير على عدم تقدم الأمور بشكل كاف على الرغم من الصرامة التي يظهرها المانحون الإقليميون مثل السعودية والإمارات وقطر، حيث بدأت هذه الدول بتخفيض الدعم المالي التقليدي وركزت بدلاً من ذلك على الاستثمار التجاري المقرون بتوقعات تنفيذ الإصلاحات من قبل السلطات المصرية.

 وقد حذر المراقبون من عدم وجود توافق بين توقعات القاهرة والصناديق السيادية الخليجية، حيث يتمثل موقف مصر في بيع الأصول بفروق أسعار كبيرة جداً عن أسعار السوق، وذلك بسبب اعتقادهم أن الأسعار الحالية لا تمثل القيمة الحقيقية للأصول.

ويبدو أن هناك تباعد كبير في وجهات النظر بين الجانبين، إذ شكك المراقبون في استعداد نظام السيسي الذي يقوده الجيش للقيام بالإصلاحات، بما في ذلك كبح المصالح التجارية للجيش، والتي توسعت بشكل كبير في عهده.

غضب سعودي

نقلت “فايننشال تايمز” عن مصرفي مطلع قوله: “هناك حالة من الانزعاج والإحباط التام في السعودية، حيث يقولون: هل يظن المصريون أنه من السهل خداعنا لهذه الدرجة؟.. هم يريدون رؤية إصلاحات حقيقية ووضع خطة إصلاح هيكلية”.

وتزامناً مع انخفاض قيمة الجنيه المصري، انسحب صندوق الاستثمارات العامة السعودي من محادثات شراء “المصرف المتحد”  المملوك للدولة  بعد أن أدى هذا الانخفاض إلى محو مئات الملايين من القيمة الدولارية للمصرف، وكان الصندوق قد التزم سابقاً باستثمار 10 مليارات دولار في مصر.

رفض قطري

تم رفض عرض من جهاز قطر للاستثمار للحصول على حصة في شركة تصنيع بسكويت مملوكة للجيش، حيث أشار شخص مطلع على المفاوضات أن القطريين يرغبون في الاستثمار في فرصة ذكية تحقق العوائد، ولن يتركوا أموالهم ببساطة.

وعلى الجانب الآخر، أكد الزميل الأول في مركز أبحاث Malcolm H Kerr Carnegie Middle East Center، يزيد صايغ، أن الجيش لن يبيع الأصول التي تحقق الأرباح، وأن المشكلة تكمن في اعتماد شركات الجيش على التمويل الحكومي بالكامل، وذلك في صورة ضمانها لتدفق عقود المشتريات الحكومية عليها. لذلك، لن تكون هذه الشركات جذابة للمستثمرين الأجانب إلا في حال ضمان استمرار تلك الامتيازات.

تعليق استثمارت إماراتي

في الوقت نفسه، أعلن صندوق أبوظبي السيادي “ADQ القابضة”، الذي يُعدّ أداة الاستثمار الرئيسية للإمارات في مصر، عن تعليق مشروعاته داخل البلاد، وذلك حسب ما ذكره مصدر مصرفي مطلع على المفاوضات من دبي.

 وقال المصدر للصحيفة البريطانية إنه ليس هناك رغبة في الاستثمارات الكبيرة في الوقت الراهن، وأن الأوضاع قد تتغير بعد زيارة رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد للقاهرة في هذا الشهر.

ومع ذلك، لا تزال الإمارات ملتزمة بمساعدة مصر، ومن المرجح أن تقدم أبوظبي الدعم عبر برنامج صندوق النقد الدولي، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.

هل من حلول؟

وفقاً للتقرير الصحفي، يعتقد المحللون أن الحل الوحيد الذي يمكن أن تتخذه القاهرة لجمع رأس المال هو بيع الأصول، حيث أن القطاع الخاص معرض لعرقلة نتيجة المحنة الاقتصادية وهيمنة الجيش، وازدياد قلق المستثمرين الأجانب.

ويشير الخبير الاقتصادي في شؤون الشرق الأوسط بمصرف “جولدمان ساكس”، فاروق سوسة، إلى أن المسار الوحيد المتاح لمصر على المدى القصير الآن هو جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال بيع الأصول، إذا كانت الحكومة لا ترغب في مواصلة خفض قيمة عملتها وإبطاء النمو لتقليل الطلب على الدولار.

  • سوق الطاقة النظيفة: السعودية والإمارات في صراع محموم بعد عصر النفط

ترأست الرياض وأبوظبي قافلة دول مجلس التعاون الخليجي في السعي نحو التحول العالمي للطاقة، ومن المتوقع أن تشهد خططهما الطموحة للطاقة البديلة المزيد من التحولات الجيوسياسية، وفقًا لتقرير نشره “منتدى الخليج الدولي”.

يركز التقرير على المنافسة بين الإمارات والسعودية، والتي تسعيان بشكل خاص إلى جذب الاستثمارات الخضراء، وتأمين شراكات دولية فعالة لدعم جهودهما في الوصول إلى الطاقة النظيفة وإنتاجها.

و يشير التقرير إلى عدة تحديات تواجه دول مجلس التعاون الخليجي، منها تغيرات المناخ التي تهدد المنطقة، ، بالإضافة إلى الانخفاض المتوقع في الطلب على الوقود الأحفوري مستقبلا (النفط والغاز). نتيجة لذلك، بدأت دول المنطقة في تبني استراتيجية طموحة لتسريع تحولها نحو الطاقة الخضراء.

ومن بين هذه الجهود، تسعى السعودية والكويت والبحرين إلى تحقيق هدف “صفر انبعاثات” بحلول عام 2060، بينما حددت الإمارات وسلطنة عمان هدفاً أكثر طموحاً بحلول عام 2050.

بينما لم تحدد قطر هدفاً صافياً للصفر، بناءً على خططها لربط نفسها بالاتحاد الأوروبي من خلال خطوط إمداد الهيدروكربونات الجديدة،  ولكنها تؤكد على تخفيض انبعاثاتها بنسبة 25% بحلول عام 2030.

السعودية

يستهدف التقرير تحديد خطط المملكة العربية السعودية لتخفيض اعتمادها الكبير على النفط من خلال تحويل نفسها إلى مصدر رئيسي للهيدروجين الأخضر. ويتضمن هذا الهدف خطة إنتاج وتصدير الهيدروجين، التي تم دمجها في مشروع “نيوم” الضخم في المملكة.

وستضمن المدينة المستقبلية إنشاء أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم، بقيمة 8 مليارات دولار ، وسيتم إنتاج 600 طن من الهيدروجين الأخضر يومياً.

 كما تسعى المملكة إلى بناء محطتين إضافيتين للهيدروجين الأخضر. وبالإضافة إلى ذلك، تعتزم السلطات إنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية في الشرق الأوسط في الشعيبة بمحافظة مكة بحلول عام 2025، وتهدف إلى توفير 50% من طاقة المملكة بحلول عام 2030 من خلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وفي محاولة أخرى للحفاظ على مكانتها كمورد طاقة رئيسي، تأمل “أرامكو” في إنتاج مليوني طن من الهيدروجين الأزرق بحلول عام 2030.

الإمارات

تركز الإمارات جهودها على الوصول إلى أسواق الطاقة النظيفة العالمية، وتنويع علاقاتها في هذا المجال مع دول شرق آسيا. في هذا الإطار، حصلت الإمارات على استثمار بقيمة مليار دولار من كوريا الجنوبية في مصنع للهيدروجين والأمونيا في منطقة كيزاد الصناعية بالقرب من أبوظبي.

كما تسعى الإمارات لتعزيز التعاون في مجال الطاقة الخضراء مع اليابان، بعد توقيع اتفاقية تعاون في يناير 2023، والتي تتضمن فرص البحث عن الهيدروجين الأخضر.

وتعمل شركة “مصدر” الإماراتية للطاقة المتجددة على إنشاء شبكة إمداد هيدروجين خضراء مع أربع شركات هولندية، بينما أبرمت الإمارات اتفاقيات للطاقة النظيفة مع ألمانيا والمملكة المتحدة، إضافة إلى شراكة الهيدروجين الأخضر مع إيطاليا في يونيو 2022.

التعاون مع أميركا و الصين

سعت الرياض وأبوظبي على حد سواء إلى تحقيق التوازن في علاقاتهما الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والصين في مجال الطاقة، وذلك وفقاً لأسلوبهما الأوسع في السعي إلى الحياد في الصراع الجيوسياسي المتصاعد بين الجانبين.

ومن خلال هذا السعي، توصلت أبوظبي وواشنطن في نوفمبر 2022 إلى اتفاقية للمضي قدماً في الشراكة من أجل تسريع الطاقة النظيفة، حيث أعلنت أبوظبي عن استثمار ثنائي بقيمة 100 مليار دولار لتعزيز الوصول إلى الطاقة النظيفة وتطوير مشاريعها.

كما ضمنت السعودية شراكتها الخاصة في مجال الطاقة النظيفة مع الولايات المتحدة.

وعلى الجانب الآخر، تعتبر الصين شريكاً جذاباً، حيث تتمتع ببصمة اقتصادية عالمية متزايدة وسيطرة على سلاسل إمداد الطاقة الشمسية.

وعلاوة على ذلك، تبقى بكين قريبة بشكل خاص من أبوظبي في هذا الصدد. وفي فبراير 2022، وافقت الصين على استثمار مليار دولار في مشروع الظفرة للطاقة الشمسية في الإمارات العربية المتحدة، مما يعكس التزامها بتعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الخليجية.

المصدر
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنىالمعهد الإيطالي لدراسات السياسات الدوليةميدال إيست آيتشاتام هاوسمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى 2فاينانشال تايممنتدى الخليج الدولي
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى